سجون المنطقة الخضراء السرية




المنطقة الخضراء لمن لا يعرفها من غير العراقيين هو الاسم الشائع للحي الآمن في قلب بغداد، وهي من أكثر المواقع تحصينا، وهذه المنطقة حددتها قوات الاحتلال الأمريكية، بعد غزوها الجائر للعراق، ومساحتها تقارب 10 كم²، وبدأ اسمها يظهر مع قيام حكومات الاحتلال المختلفة بعد عام 2003، والمنطقة الخضراء هي مقر حكومات الاحتلال إلى جانب احتوائها على مقر السفارتين الأمريكية والبريطانية وغيرهما من الدوائر الحساسة في عراق ما بعد الاحتلال.

وقلب الحقائق سمة أغلب ساسة العراق "الجديد"، والمؤلم أن العراقيين سئموا الكلام المتلون لأغلب رجال الحكومة، ولطالما كتب الأخيار من العراقيين أن هنالك انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان في عموم البلاد، وأن هنالك سجوناً سرية تدار من قبل أغلب رجال المنطقة الخضراء والمليشيات الحكومية.

وعلى عكس دول العالم تفاخر حكومة المنطقة الخضراء بأنها تُكثر من افتتاح السجون؛ لأنها تعاني من أزمة حقيقية في استيعاب أعداد السجناء الأبرياء الذين يتم اعتقالهم على مدار الساعة، 

وقبل أيام، وتحديداً في يوم 14/ 3/ 2011، أعلن وزير "العدل المفقود" في حكومة المالكي (حسن الشمري) عن الاستعداد لفتح سجون جديدة لمعالجة أزمة اكتظاظ النزلاء، وإنه سيتم حل أزمة الاكتظاظ التي تسبب مشاكل وأمراض كثيرة بين النزلاء من خلال فتح سجون جديدة، وطبعاً الوزير يقصد السجون العلنية.

وحينما ذكرت العديد من الشخصيات الوطنية العراقية، وفي أكثر من مناسبة، أن هنالك سجوناً سرية في المنطقة الخضراء وغيرها، أثارت تصريحاتهم استغراب بعض الشخصيات على اعتبار أن هذه المنطقة هي من المناطق الراقية والحساسة، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون فيها سجوناً سرية، وأن فيها سفارات لدول عظمى؟!!

ولتأكيد حقيقة أن العراق هو معتقل كبير يدار من قبل اغلب رجال المنطقة الخضراء، فقد كشفت عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الحالي مها الدوري في يوم 14/ 3/ 2011، عن وجود سجن سري في معسكر (شرف) داخل المنطقة الخضراء، وأن لجنة حقوق الإنسان زارت المعسكر، واطلعت على الانتهاكات الجارية بحق المعتقلين هناك، وأن المعتقلين داخل المعسكر لا يعرف ذووهم عنهم شيئاً منذ سنوات، ويعتبرونهم في عداد المفقودين، وأعربت عن اعتقادها بوجود سجون سرية أخرى داخل المنطقة الخضراء؟!!

وفي محاولة لاستدراك هذه الفضيحة المدوية أعلنت وزارة العدل، مباشرة عن إغلاق سجن الشرف بسبب مخالفته معايير حقوق الإنسان الدولية، وكأن السجون الأخرى في عموم العراق مطابقة لتلك المعايير؟!!. 

والسؤال الذي لا يمكن تجاوزه هو أين كانت وزارة "العدل المالكية" من هذه الانتهاكات؟ وهل هذه الحالة نادرة الوقوع، في حين أن البلاد متخمة بالسجون المليئة بالأبرياء من الذين لا حول لهم ولا قوة؟!!

عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية حيدر الملا قال إن اللجنة وجدت خروقات واضحة لحقوق الإنسان تمارس بحق المعتقلين في سجن شرف بالمنطقة الخضراء من قبل بعض القيادات الأمنية والعسكرية، وإن هنالك مجموعة من المعتقلين لسنوات لم تتم محاكمتهم علاوة على وجود معتقلات وسجون أخرى مرتبطة من الناحية الإدارية بوزارة العدل، لكن من الناحية العملية تدار من قبل بعض الأجهزة الأمنية.

كل هذه الحقائق المؤلمة جاءت في الوقت الذي تحدث فيه رئيس الحكومة الناقصة نوري المالكي قبل أيام أمام البرلمان الحالي -داخل المنطقة الخضراء- عن احترام حكومته لحقوق الإنسان العراقي وكرامته، وفي ذات الوقت كان هنالك المئات على بعد عشرات الأمتار يصرخون من ظلم وجور الحكومة في السجن السري الذي اكتشف في قلب المنطقة الخضراء.

هذه هي حقيقة الديمقراطية في عراق اللاقانون واللاديمقراطية والتخريب والدمار، بلاد تحكمها عصابات لا ندري إلى أين تسير بهذه البلاد، بينما تنتعش البلاد بالسجون السرية الإرهابية؟!!

اكتشاف هذه المعتقلات السرية يؤكد ما يردده الشرفاء من العراقيين أن العراق هو بلد مختطف من قبل عصابة إرهابية مدججة بالسلاح والقانون، ولا أظن أن هذه الحالة الشاذة ستستمر كثيراً في العراق، وان التغيير قادم بقوة الله أولاً، ثم بعزم وتصميم بناء العراق الغيارى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى