حصاد «الفن الدبلوماسي» في العراق





الفن الدبلوماسي، أو فن «الرقص الدبلوماسي» على أشلاء الناس في الشوارع، وآهات المعتقلين في السجون، وبكاء وأنين الأرامل والأيتام الذين فقدوا الحنان الابوي بسبب شهوة للحكم والمناصب، وحسرة الفراق التي يعاني منها الملايين في مشارق الارض ومغاربها، هذا الفن لا يحسنه إلا غالبية ساسة العراق الجديد.
هذا الرقص ليس طرباً، بل تزويراً وتزييفاً وقلباً للحقائق التي لم يعد بالإمكان إخفائها، بلاد تنخرها الانفجارات والاغتيالات والفساد المالي والإداري.
ورغم ذلك فإن غالبية الساسة يغضون الطرف عن كل هذه الاحداث الكارثية ويتحدثون عن (عراق ديمقراطي جديد)!
لا ندري ما المقصود بعبارة (العراق الجديد) التي ملتها الأذان، ومجتها العقول، وصارت كابوساً يلاحق جميع العراقيين، في داخل البلاد وخارجها، في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، وفي شبكات التواصل الاجتماعي، وفي كل مكان، حتى في دور العبادة، وأماكن اللهو على حد سواء!
ونريد هنا أن نسير على نهج القوم ونتكلم بلغتهم، عن العراق اليوم، أو ما يسمى «العراق الجديد»، وننقل للعالم بعض الحقائق القريبة المؤلمة التي تؤكد أن بلاد الرافدين غارقة في مستنقع الجرائم والظلم، ففي الأول من تشرين الثاني 2013 ذكرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أن عدد القتلى العراقيين، بلغ (979) قتيلاً فيما أُصيب (1902) آخرون بجروح جرّاء أعمال العنف والإرهاب في تشرين الأول.
وبلغ عدد القتلى من المدنيين (852) قتيلاً (من بينهم (158) فرداً من الشرطة المدنية، فيما بلغ عدد المُصابين من المدنيين (1793) (من ضمنهم 218 فرداً من الشرطة المدنية). كما لقي (127) فرداً من قوات الأمن حتفهم وأصيب (109) آخرون بجروح.
وفي يوم 9/11/2013، أعلنت منظمة العفو الدولية، أن استخدام عقوبة الإعدام في العراق وصل إلى أعلى معدّلاته، منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين عام 2003، وأن الحكومة العراقية أرسلت أمس (الاول) الخميس، سبعة سجناء على الأقل إلى حبل المشنقة، ما أثار مخاوف من أن المزيد من السجناء يواجهون عقوبة الإعدام، وأن «(132) شخصاً على الأقل أُعدموا في العراق خلال العام الحالي، وهو أعلى معدّل من نوعه منذ أن أعادت البلاد العمل بعقوبة الإعدام عام 2004، غير أن العدد الحقيقي يمكن أن يكون أعلى من ذلك بكثير لأن السلطات العراقية لم تنشر الأرقام الكاملة».
وهنا سجلت المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الإعدام قفزة نوعية للعراق الجديد في مجال تنفيذ عقوبة الاعدام حيث حصل العراق وبامتياز على المرتبة الثالثة عالمياً في تنفيذ أحكام الاعدام.
وهذه الحقائق يؤكدها الناجون من هذه السجون، من أن هناك الكثير من المعتقلين يموتون تحت التعذيب، أو بحرمانهم من العلاج الضروري، ومنهم من يدفن في داخل السجون، وكل هذه الحالات، هي اعدامات مباشرة وغير مباشرة.
وفي يوم 5/11/2013، ذكر قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق أنه رصد (139) حملة دهم وتفتيش معلنة نفذتها القوات الحكومية خلال الشهر المنصرم، واعتقلت خلالها (1075) مواطناً، بينهم خمس نساء، إضافة إلى ارتكاب (40) جريمة قتل خلال تلك الحملات الظالمة.
هذه هي الصورة الحالية في العراق الجديد، اعدامات يومية غالبها كيدية، وبلا تهم محددة، سوى تهمة الارهاب التي اصبحت العذر الأوحد في تنفيذ الأحكام في العراق الجديد، وهناك أيضاً الاعتقالات بدون مذكرات اعتقال قضائية رسمية، وانتهاكات لأبسط حقوق الانسان خلال عمليات المداهمة، وفي داخل الزنزانات المخالفة لأبسط حقوق الانسان.
هذا هو العراق الجدد الذي يدعونه فهو عراق الاعتقالات والاغتيالات والإعدامات، منذ أن ابتلى الله تعالى العراق بساسة اليوم الديمقراطيين الجدد.
ليس هنالك عراق جديد، العراق هو عراق واحد من زاخو إلى الفاو، يجمع أهله الحب والتسامح والصدق، أما هذه المرحلة الشاذة (العراق الجديد) فمصيرها إلى زوال، وسيعود العراق إلى سابق عهده حراً عزيزاً مستقلاً موحداً.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى