المشاركات

القلق السياسي وشهوة الحكم!

صورة
  يُذهل الفكر ويحتار القلم حينما يكونان وسط خلطة متناقضة من الأحداث السياسيّة والأمنيّة والمجتمعيّة التي تُنذر بخطر قادم لا محالة بعد أن غابت أو غُيِّبت سيادة الدولة وهيبتها، وهذه ببساطة حقيقة الواقع العراقيّ المرير اليوم. فبعد أن توقّعنا فشل جلسة البرلمان لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يوم السبت الماضي لحقتها جلسة الأربعاء بذات النتيجة، وصارت العمليّة السياسيّة على مفترق طريق حادّ. لقد كانت مناورات الأيّام الأخيرة هزيلة، وكلّ طرف من أطراف الصراع يحاول إبراز عضلاته السياسيّة والمسلّحة وسط حالة من الإحباط الشعبيّ المتنامي مع استمرار الشلل السياسيّ وهشاشة الإدارة العامّة للدولة! وتؤكّد المماطلة المدروسة والمباحثات السقيمة وغياب المنهج السليم الصحيح عن غالبيّة الحوارات الدائرة في الأروقة السياسيّة عمق الخلافات وتجذّر الفشل وبذلك ستبقى معارك الجدل العقيم قائمة بين القوى الكبيرة! وإثر فشل جلسة الأربعاء وجّه مقتدى الصدر رسالة للإطار التنسيقي بزعامة نوري المالكي، أكّد فيها بأنّه " لن يتوافق معهم، والتوافق يعني نهاية البلد، والوطن لن يخضع للتبعيّة والاحتلال والتطبيع والمحاصصة ...

(تحرير العراق) وبرلمان كسر العظم!

صورة
  يُمكن أن تكون عبارة (تحرير العراق) مستفزّة لغالبيّة الأطراف المؤيّدة والمعارضة لما حصل قبل 19 عاما، حينما قرّرت الإرادة الدوليّة الحكم على العراق بالإعدام بحجّة تخليصه من نظام الحكم القائم، وقيام مرحلة حكم ديمقراطيّ بديلا عنه! وانطلقت في التاسع عشر من آذار/ مارس 2003 العمليّات العسكريّة الهادفة لاحتلال العراق، واستمرّت حتّى بداية أيّار/ مايو من ذات العام، وكانت حصيلتها أكثر من مليون قتيل وجريح، وملايين الأيتام والأرامل والمهجرين والمعتقلين والمفقودين! وسنويّاً نتوقّف عند هذا التاريخ بحَيْرَة كبيرة، ونكون أمام ذكريات دمويّة ومرعبة لحوادث قاسية، وأحداث جسام وقعت في تلك الحقبة المظلمة، ولا نجد أيّ مَدخل فكريّ أو منطقيّ يمكن أن يفسّر حقيقة ما جرى في العراق، وكأنّه كابوس مخيف، ولكنّه كابوس واقعيّ ودمويّ وإرهابيّ، وليس مجرّد أضغاث أحلام بعيدة عن الواقع! وعادة ما نستفسر وبمرارة مزعجة: ما هي الغايات الخفيّة من الواقعة الأبرز في منطقة الشرق الأوسط بعد الاحتلال الصهيونيّ لفلسطين في العام 1948 والمتمثّلة باحتلال العراق؟ إنّ العمليّة العسكريّة التي قادتها أمريكا، وبمشاركة عشرات الدول...

العراقيون والحرب الروسية - الأوكرانية!

  ترجع أبرز مراحل المواجهة بين العراقيّين والأوكرانيّين للعام 2003 حيث ساهمت أوكرانيا مع دول التحالف الدوليّ في احتلال العراق، وشاركت بأكثر من 1650 مقاتلا، وقد قتل منهم قرابة 17 جنديا ممّا اضطرّها لإعلان الانسحاب منتصف العام 2011. واليوم، ورغم المسافات الشاسعة، نجد أنّ الغزو الروسيّ لأوكرانيا قد ألقى بظلاله القاتمة والمظلمة على العراق في العديد من الجوانب السياسيّة والشعبيّة والإنسانيّة والأمنيّة التعبويّة والاقتصاديّة. سياسيّا، امتنع ممثّل العراق في الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة عن التصويت لمصلحة قرار يُدين غزو روسيا لأوكرانيا، ويطالبها بالكفّ عن استخدام القوّة ضدّها، ولينضمّ بذلك إلى (35) دولة اتّخذت ذات الموقف! وعلى الصعيد الشعبيّ انقسم العراقيّون في موقفهم من الغزو الروسيّ، وفقا لما ظهر في بعض القنوات الفضائيّة والصحف ومواقع التواصل إلى أربعة أقسام، وهم بين مؤيّد ومعارض ومحايد ومتطوّع! وقد رفعت قوى مجهولة صورة كبيرة للرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين في بغداد، وأزيلت بعد ساعات من نصبها! وفي الجانب الإنسانيّ هنالك أكثر من (5500) عراقيّا يقيمون في أوكرانيا ، بينهم قرابة (5...

دستور ومراسيم ومقايضات!

صورة
  يُعرف الدستور بأنّه أعلى القوانين والتشريعات، وهو وثيقة تضمّ مجموعة من القواعد القانونيّة التي تُبيّن شكل الدولة ونظام الحكم فيها، وينظّم اختصاصات السلطات العامّة، ويحدّد الحقوق والحرّيّات العامّة والواجبات. وبموجب المادّة (٦٧) من الدستور العراقيّ يمثّل رئيس الجمهوريّة " سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور". وذكرت المادّة (50) من الدستور صيغة القسم المتّبع قبل تسنّم أيّ منصب رئاسيّ أو برلمانيّ، وممّا جاء فيه: "أُقسم بالله العليّ العظيم أن أؤدّي مهمّاتي ومسؤولياتي القانونيّة بتفانٍ... وأن أعمل على صيانة الحرّيّات العامّة والخاصّة واستقلال القضاء والتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد ". ومع هذه الضوابط الدستوريّة والشرعيّة والأخلاقيّة وقعت في العراق جملة من الحوادث التي هزّت الضمير الوطنيّ، وآخرها العفو غير المبرّر الذي أصدره رئيس الجمهوريّة، برهم صالح، لتاجر المخدّرات (جواد لؤي الياسري)، وهو نجل محافظ النجف السابق القيادي في حزب الدعوة الإسلاميّة بزعامة نوري المالكي، وقد سُرّبت يوم السبت الماضي نسخة من العفو المؤرّخ في الخامس من شباط/ فبراير 2022! ...

خلافات رفاق الأمس في العراق!

صورة
  يشير الواقع السياسي العراقي بعد العام 2003 أن مجمل التكتلات السياسية بنيت أو تشكلت بموجب قواعد تستند على الطائفية الدينية، وتتعكز على القومية، وبعضها يستند على العلمانية والمدنية والديمقراطية، وكل ذلك من أجل الوصول إلى سدة الحكم! والكتل المذهبية الدينية هي الكيانات الأبرز التي حاولت، وما تزال، الركون على الجانب المذهبي والعقائدي لبقائها في الحكم، وربطوا وجودهم بهذا الجانب العقائدي المذهبي الضيق، ولم يتعاملوا بالفكر الجامع رغم استحواذهم على السلطة التنفيذية التي يفترض أن تكون لكل العراقيين من كافة الأعراق والأديان والمذاهب والكيانات. والسبب الأكبر لهذا التخندق المذهبي أن غالبية القوى التي جاءت مع المحتل الأمريكي في غالبيتها العظمى هي قوى دينية، ومنظمة على شكل أحزاب وكيانات مدنية وعسكرية، وتدعي أنها تمثل المكون الأكثر عددا لهذا حاولت الاستمرار بهذا الشكل حتى بعد تنظيم أول انتخابات برلمانية في العراق في العام 2005 لتحقيق أهدافها الحزبية والشخصية. والتحالف الوطني العراقي هو كيان سياسي قائم على المصالح السياسية وإن ألبس ثوبا مذهبيا دينيا، وكان يضم الغالبية العظمى من القوى القريب...

ملفّات ابتزازيّة وسياسات استعراضيّة!

صورة
  تُعتبر لعبة الملفّات المضادة الملفّقة أو الحقيقيّة واحدة من أدوات الضغط الفاعلة في أروقة السياسة الدوليّة والمحلّيّة، وحتّى في غالبيّة التعاملات غير الصحّيّة في الشركات والمقاولات وعموم الحياة الإنسانيّة، وتستخدم تلك الملفّات للضغط والابتزاز على الأطراف المتورّطة في قضايا سياسيّة وماليّة وأخلاقيّة غير سليمة. واستخدمت هذه الملفّات بشكل واضح في العراق بعد تشكيل أوّل حكومة في انتخابات 2005، برئاسة نوري المالكي، حيث سبق لحكومة المالكي أنّ أعلنت منتصف حزيران/ يونيو 2012 بأنّها " تمتلك ملفّات تُدين بعض النواب بتعاونهم مع دول إقليميّة وأجنبيّة وتمويلهم لمنظّمات إرهابيّة". وهذا الكلام الخطير كرّره رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي في الثاني من أيلول/ سبتمبر 2021، وكشف أنّ بحوزتهم" 18 ملفّ فساد إذا اطلعتم على تفاصيلها ستصابون بأزمةٍ قلبيّة"! وحرب الملفّات عادت من جديد قبل أسبوع تقريباً وقد أثارها هذه المرّة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي دعا لتخفيض قيمة صرف الدولار الأمريكيّ مقابل الدينار العراقيّ، وقد قدّم الصدر عدّة مقترحات من بينها استدعاء وزير الماليّة...

الأزمات الدائمة والمؤقتة وتفريخها!

صورة
  تعتبر سياسة تفريخ الأزمات أو اختلاق الأحداث واحدة من السياسات الهادفة لإلهاء الشعب وإشغاله عن تشخيص ما يجري حوله من تخريب وتهالك وتضييع لسيادة الدولة وحقوق المواطنين! وقد تكون تلك الأزمات أمنيّة دمويّة، وهي أخطرها وأشدّها، لأنّها تستهدف سلامة الوطن والمجتمع، وقد تكون تعقيدات سياسية لضرب الشركاء في العمل السياسيّ، وإطالة أمد الأزمات والبقاء أطول فترة ممكنة في الحكم، وقد تكون اقتصاديّة لتحطيم مصادر رزق الناس وعوامل استمرار حياتهم، وغير ذلك من الأسباب! ونحن، في العراق، محاطون بدول كبيرة وصغيرة وفيها بلا شكّ مشاكل سياسيّة وأمنيّة واقتصاديّة ولكنّها لم تخرج عن السيطرة، ويمكن ضبطها بالتفاهمات الهادفة للحفاظ على هيبة الدولة وسيادتها الداخليّة والخارجيّة، ولكن يبدو أنّ الحالة العراقيّة مختلفة وتمتاز بتوالد الأزمات وتفريخها، وذلك جزء من سياسة الفوضى الخلاّقة، وكأنّ الأمر دبّر بليل بين الفرقاء، وإن ظهر بصور التناحر والتصادم! وهنالك في العراق أزمات دائمة ومؤقتة، أما الدائمة فتتمثّل بالسعي لتهشيم شكل نظام الحكم، وتغييب حقوق المواطنين القانونيّة، وإبقاء سياسة الملفّات المبعثرة في المجال...