قوات الأمن العراقية... حاميها حراميها




أكذوبة انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من العراق في 31/8/2010، لا يمكن أن تنطلي حتى على أطفال العراق، حيث يتواجد في بلاد الرافدين الآن أكثر من (100) ألف مقاتل من الجيش، والشركات الأمنية، فيما تدعي الحكومة المنتهية ولايتها أنها قادرة على حفظ الأمن في البلاد، وطبعاً، هذا ما نتمناه لأهلنا بغض النظر عن الموقف من العملية السياسية التي بناها المحتل؛ لأن حب أهلنا من العراقيين ودمائهم هو شيء مقدس ونعتز به. ولدى العراق حالياً أكثر من (800) ألف عنصر أمني في الجيش، والشرطة، ويتكون الجيش الحالي من (14) فرقة عسكرية، موزعة على ثلاث قيادات (برية، وجوية، وبحرية)، كما يقدر عدد منتسبي وزارة الداخلية بحوالي نصف مليون منتسب يتوزعون على تشكيلات أمنية عدة.

والأجهزة الأمنية في كل بلدان العالم هي صمام الأمان، وهي التي تقود إلى ازدهار البلدان؛ لأن المواطن في ظلها يشعر بالأمن، والأمان، والمواطن الصالح يكون عونا لها على أداء واجباتها، والمواطن الطالح ينضبط بانضباطها؛ لأنها العين الساهرة على تطبيق القانون، والمحافظة على أرواح، وأملاك المواطنين.
وحينما نتكلم عن الحالة العراقية، والتي كما يعرف الجميع أنها حالة شاذة؛ حيث الاحتلال يسيطر حتى الساعة على أغلب مجريات الأمور في البلاد، في حين تدعي الحكومات المنصبة من قبله استقلاليتها، وقابليتها على اتخاذ القرار "الوطني" بعيدا عن الهيمنة، والتسلط الإقليمي، والأمريكي، وهذا ما قاله رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي، بمناسبة خطابه وابتهاجه بأكذوبة الانسحاب مدعياً "أن القوات الأمنية العراقية ستقوم بالدور الرئيسي في إرساء الأمن وتأمين البلاد، والقضاء على كل التهديدات التي ستواجهها سواء داخليا، أو خارجيا"، وهذا الأمر لا يمت لواقع هذه القوات بصلة.
وحتى لا يتهمنا البعض بأننا نتحدث من غير دليل، وأننا نتكلم لمجرد الانتقاد، فإنني سأسوق حادثة قريبة ذكرها متعهد بجيش الاحتلال الأمريكي، ويدعى عيسى سلومي في يوم 13/7/2010، اختطف في العراق بداية العام الحالي، وكيف ناور خاطفوه بسهولة نقاط التفتيش العراقية، في حين أنه كان ينزف على أرضية سيارتهم، في واقعة أعلنت حينها جماعة "عصائب أهل الحق" المتطرفة مسؤوليتها عن اختطافه.
وقال سلومي إن رجلا سحبه من سيارته وضربه بقوة في وجهه، ومع تدفق الدم من جرح تحت عينه، حاول سلومي وضع قدمه على الجزء الخارجي من الباب ليمنع خاطفيه من الزج به داخل سيارتهم بقوة، وضربه أحدهم في رأسه بعقب البندقية قبل أن يدفعه على أرضية السيارة، ووضعوا وجهه للأسفل، وضغطوا بأحذيتهم على رقبته. 
ومن أهم الأدلة في هذه الحادثة على فساد الأجهزة الأمنية هي أن سلومي أكد أنه "في الوقت الذي قادوا فيه السيارة عبر نقطة تفتيش عسكرية، وتوقفوا لفترة قصيرة لتحية الجنود العراقيين، أدرك سلومي أنه قد يموت"، وأضاف: "توقعت أنهم سيكتشفونني عند أي نقطة تفتيش، ويتخلص من الخاطفين، لذا كانت تلك خيبة أمل كبرى عندما اجتازوا نقاط التفتيش بسهولة، لقد كانوا يعرفون هؤلاء الأفراد"؟!!
وأثناء فترة احتجازه، قال سلومي إن الخاطفين طلبوا منه مليون دولار مقابل إطلاق سراحه، وجرى بعد ذلك نقله إلى منزل آخر، وفي أحد الأيام، أحضروا له زي جيش الاحتلال الأمريكي لارتدائه، وأحضروا له كرسيا ليجلس عليه، وكانت هناك ستارة سوداء تحمل اسم الجماعة باللغة العربية معلقة خلفه، وطلبوا منه إعلان مطالب الجماعة، التي تمثلت في إطلاق سراح أعضاء الجماعة من السجون، وجرى بعد ذلك إذاعة هذا المقطع المرئي في جميع أنحاء العالم.
ومرت عشرة أيام قبل أن يتم وضعه في سيارة، وتم إجباره على الرقود على أرضية السيارة، وعندما جرى سحبه خارج السيارة، قابله مسؤول بالحكومة العراقية، وهنأه، وأخبره أنه تم إطلاق سراحه؟!!
نعم، هذا ما يقع اليوم في العراق "الديمقراطي المستقل"، والذي يدعي ساسته أنهم قادرون على إرساء الأمن وتأمين البلاد، والقضاء على كل التهديدات التي ستواجه العراق سواء داخليا، أو خارجيا؟!!
وهذه هي حقيقة الأغلبية الساحقة من رجال الأجهزة الأمنية في الغابة "الديمقراطية" العراقية اليوم.
وهنالك مثل عراقي شعبي يقول: (حاميها حراميها)، ويضرب كمثل لمن يؤتمن على شيء ويسرقه، أو يخونه، وهذا المثل ينطبق تماماً على غالبية الأجهزة الأمنية الحكومية في العراق "الجديد".
وبكلمة مختصرة أقول: هذا هو حال بلادنا التي تعيش في أكذوبة "الاستقلال" مع وجود حكومات هشة بعيدة عن أدنى معايير النجاح، واحتلال جاثم على صدورنا ويدعي الانسحاب وعدم التدخل في شؤوننا، بينما واقع الحال على النقيض من هذه الادعاءات تماماً؟!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى