المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠١٦

الإنسان والدمار!

صورة
الحديث عن الإنسان العراقي الذي عاصر مرحلة الاحتلال الأميركي، وكيف يمكن النظر إليها سياسياً واجتماعياً، كان سؤالاً بريئاً من الزميلة إيمان الحمود من راديو "مونت كارلو" الدولي، أرادت أن يكون مدخلاً لحوارها معي حول الإنسان العراقي في مرحلة ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق العام 2003. وبعد أن قرأت رسالتها، انتابتني نوبة من البكاء وانفجار الذكريات، التي غلفتها الغربة ببعض الهموم والغيوم، وفي لحظة الألم مسكت القلم لأُسطر هذه الكلمات: العراقيون عُرفوا بميلهم الفطري للسلام والطبيعة والتآلف. وعلى الرغم من المؤامرات التي حيكت ضدهم منذ ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنهم صمدوا وصبروا وتقاسموا الأفراح والأتراح في كل الأوقات، وفي أصعب الظروف. العراقيون جربوا سنوات الحرب العراقية-الإيرانية، والحصار الدولي، الذي استمر منذ العام 1990 وحتى العام 2003. ثم وقعت على رؤوسهم كارثة الاحتلال التي ما يزالون يعانون منها حتى الآن. في الأيام القليلة التي سبقت الاحتلال الأميركي-البريطاني-الدولي، كان العراقيون يتابعون بعض وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، التي أكدت أن الحرب قادمة لا محالة، وأن العراق مت

انهيار سدود المنطقة الخضراء

صورة
في ظل تطورات الأحداث السياسية والشعبية في بلاد الرافدين، عاد السفير الأميركي لدى العراق ستيوارت جونز، يوم الأحد الماضي، للتحذير من انهيار سد الموصل. وأكد على ضرورة "الاستعداد لاحتمالية أزمة وكارثة في حالة انهيار السد". ومع تحذيرات السفير الأميركي، أعتقد أن هناك العديد من السدود في داخل العراق ستواجه خطر الانهيار، منها سدود بوابات المنطقة الخضراء المحصنة، التي صارت قاب قوسين أو أدنى من الجماهير المطالبة بإصلاحات حقيقية وليست شكلية في البلاد. منذ عدة أشهر، دخل التيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر على خط المظاهرات التي سبق أن نظمها التيار المدني في أكثر من خمس محافظات في وسط العراق وجنوبه. وفي هذه الأثناء، أثار العديد من المتابعين للشأن العراقي مجموعة أسئلة حول الأهداف الحقيقية لتدخل التيار الصدري في الحراك الشعبي، وهو (التيار) جزء من العملية السياسية. إذ تساءلوا: هل هذه الهبة الصدرية حقيقية، أم لتحقيق مآرب ومطامع سياسية، ثم بعد ذلك يعود كل شي إلى ما كان؟! وهل هذا الحراك يؤكد حقيقة الانشقاقات داخل "التحالف الوطني" الشيعي، أم هو تبادل للأدوار بين أعضاء التحال

ديمقراطية ومخدرات!

صورة
تدمير الشعوب والبلدان لا يكون بالآلة الحربية فقط، بل إن معاول الهدم التي يستخدمها الأعداء -وما أكثرهم- متنوعة ومتفاوتة؛ ربما تستهدف الشعوب بحياتها وقوتها وصحتها، وتدمير أخلاقها وقيمها، وهذا ما حصل في العراق منذ العام 2003. استخدم الأعداء -من الغرباء والمعارف- أنواع المعاول كافة لهدم المنظومة المجتمعية والأخلاقية. ولا أظن أنهم نجحوا في مجال مثل نجاحهم في كارثة المخدرات التي لم تكن معروفة -إلا نادراً- في عراق ما قبل العام 2003، فأصبحت اليوم ظاهرة مجتمعية، وبالذات في مدن جنوب العراق ووسطه! وتعد المخدرات اليوم من التحديات الصعبة التي تواجه المجتمع العراقي، بسبب غياب أو انشغال أو تواطؤ الأجهزة الأمنية، ما أفسح المجال واسعاً لدول الخراب أن تُغذّي شباب العراق بسموم المخدرات التي صارت أرخص من أي سلعة أخرى. وهذا يؤكد أن هناك دولاً تعمل جاهدة من أجل إشاعة انتشار هذه السموم بين العراقيين! فقبل أسبوع، أعلنت قيادة شرطة محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد)، عن اعتقال شبكة كبيرة تعمل في العديد من المحافظات لترويج الأقراص المخدرة، وضبط كمية من نوع "كبتاغون" المعروف محلياً بـ"الكبتي

مزاجية الدولة!

صورة
يصنف العلماء الدولة بأنها شخص معنوي يخضع للقانون العام. والدولة التي هي الصورة المعاصرة للمجتمع، تمثلها الحكومة. والحكومة هي الجهة التنفيذية لمجمل السياسات الداخلية والخارجية للبلد. ولا شك أن الحكومات المميزة أو الناجحة هي التي تنفذ السياسات المرسومة للبلد بعيداً عن الميول الشخصية والحزبية والفئوية والدينية لرئيس الحكومة، أو أي وزير داخل مجلس الوزراء، لأن إدخال العواطف والميول والمعتقدات الشخصية سيعرقل مسيرة الحكومة، وربما يجعلها تسير في طريق عدم الإنصاف والعدالة بين المواطنين.  المطبات التي وقعت فيها الحكومات المتعاقبة على حكم بغداد بعد العام 2003 كثيرة جداً. لكن أبرز هذه المطبات -التي أدت لنتائج كارثية- أن غالبية زعماء هذه الحكومات تعاملوا على أنهم زعماء لطائفة وليسوا لجميع العراقيين. وبالتالي، كانت قراراتهم وردود أفعالهم واقعة تحت سطوة العواطف الشخصية والمفاهيم الدينية والمذهبية والحزبية، وهو ما تسبب بهذا الكم الهائل من الشقاق والتناحر والتفكك في عموم الدولة والبنية المجتمعية العراقية. وصل الأمر عند هؤلاء الزعماء المزاجيين إلى درجة ضرب الدستور الذي كتبوه بأيديهم. فحينما نعود إل

عن أي بغداد يتحدثون؟!

صورة
ليس  من الهين أن تنشر أخباراً مؤلمة عن بلدك؛ العراق، حتى وإن كان موقفك مختلفاً تجاه مجمل القضايا التي حدثت له ما بعد العام 2003. لكن كما يقال، للضرورة أحكام، والغايات النبيلة ينبغي أن نصل إليها بالسبل السليمة، ومنها كشف الحقائق كما هي، وإلا يعز علينا أن نخدش أو نجرح سمعة بغدادنا الحبيبة، وعراقنا الكريم. الإنسان منذ بدء الخليقة استوطن الأرياف والقرى والمدن، وجعلها مستقراً له ولأولاده. ومع مرور الأيام، تطورت المدن وتوسعت. والمدينة -كما يقول الخبراء- هي وحدة جغرافية، فيها تجمعات سكانية كبيرة وغير متجانسة، تعيش على قطعة أرض محدودة نسبياً، ويعمل أهلها -غالباً- في الصناعة والتجارة والوظائف السياسية والاجتماعية. ومنذ القدم، وضع الإنسان مجموعة من الخصائص التي تشجعه على الاستيطان في هذه المدينة أو تلك. وهي خصائص تختلف من شعب لآخر، لكن خصائص المدن بالأمس القريب ليست كما هي اليوم؛ إذ إنها كانت خصائص بسيطة، ومن أهمها توفر المياه العذبة اللازمة للشرب، ومناسبة أسواقها لاحتياجات سكانها، وإحاطتها بسور يحميها من الأعداء، ويتواجد فيها أهل العلم والصنائع بقدر حاجة ساكنيها، بحيث تتوفر لها القدرة على